كنت قد كتبت هذا الموضوع في تكملة لموضوع (كارتــــون) لكني وجدت أنه طويل وفضلت أن أقسمه لقسمين، وتذكرته الآن بمناسبة بدأ دوام المدارس....
""المدارس الأجنبية .. ولغة أولادنا""
خلال سنوات الدراسة الجامعية كنت أحاول أن أكسب مصروفي بعمل أقوم به يومي الجمعة والسبت، فكنت أقوم بتدريس فتيات عائلة عربية، هن وقريباتهن، الفتيات من أعمار 12 - 18 ، كنت أحفظهن القرآن، وأحياناً وقت الامتحانات أدرسهن اللغة العربية والتربية الإسلامية، وكنت في درس القرآن أحكي لهن قصص الأنبياء أو الصحابة أو اي قصة مفيدة وأربطها بالواقع المعاصر، فكرة الأهل كانت أن لا تقضي البنات الوقت فيما لا يفيد، المهم أن البنات يدرسن في مدرسة اجنبية، وخلال حديثنا عرفت أشياء رهيبة عن الخطط التي يقوم بها أعداؤنا ونحن غافلون عنها، وليس فقط غافلين إنما معاونين في هذه الخطة.
فالبنات لا يعرفن قراءة اللغة العربية إلا بصعوبة شديدة، ناهيكم عن الكتابة التي لا تتجاوز كتابة طالب في الصف الأول الإبتدائي وهنا لا أتكلم عن جمال الخط، إنما أتكلم عن:
"مساعدَ الخرين، وماطت الأذا عن الطريق، والحيا شعبَ من شعب الإيمن" = "مساعدة الآخرين، وإماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان"
دروس اللغة العربية والتربية الإسلامية في المدرسة تعامل كدروس للراحة، ومعلمات هذه المواد لا كلمة لهن، ولا يتم احترامهن بأي شكل من الأشكال، على نقيض معلمات باقي المواد الأجنبيات، واللاتي تدخل إحداهن بخمرتها إلى الصف!!!! (لا أظن أن هذا مسموح في مدارس الدول الأجنبية).
المهم أن كتاب التربية الإسلامية هو نفسه الذي درسته عندما كنت في عمرهن، ولا أزال أذكر أغلبه، فالفصل الدراسي يتكون من 32 أو 34 درس، مليئة بالمعلومات التي يجب فهمها والتي يجب حفظها، المقرر الدراسي عليهن 9 دروس فقط، ولا يتم قراءتها من الكتاب إنما من ملخصات تقوم المعلمة بإعدادها، وهي بالحقيقة أسئلة الامتحان مع أجوبتها المختصرة جداً ..
هكذا يتعلم أبناؤنا ..
طبعاً يعتقد الأهل الذين يدخلون أولادهم في هذه المدارس أن ابنهم سيصبح فطحل إنجليزي وعلوم، والحقيقة أن المعلمة التي تدخل مع خمرها الصف، نستطيع أن نخمن مستوى المعلومات الدقيقة التي ستقدمها!!
كما أنها - المعلمة - تستلم مرتباً مرتفعاً، وفيلا، وسيارة وبدلات لا يحلم بها أي عربي، منها بدل حيوان أليف، بدل سفر، بدل صحة، تعليم للاولاد، وغيرها من الاختراعات، بنفس الوقت لا يوجد ضوابط تضبط عمل هذه المعلمة، والرقيب الوحيد عليها مسز جرين، وهي المديرة! ولنا هنا أن نتأكد أن الضوابط سيتم تطبيقها بشكل جيد!!!
المؤسف والمحطم للقلب أن البنات العربيات لا يعرفن الكتابة ولا القراءة بلغتهن الأم!!! يعني لديهم الحد الأدنى فقط من المعرفة بهذ اللغة، ويؤسفني القول أنهن لسن ( فطحل = متميزات جداً) بالإنجليزية لكن أعطيهن جيد جداً رغم أن حلم الأهالي كان أن يتحدثن الإنجليزية كأهلها، أماعندما جلبت لهن قصص جميلة باللغة العربية البسيطة (قصص من قصصنا ونحن صغار مالت دائرة الثقافة العراقية) واجهن صعوبة بالغة في القراءة، يستطعن التهجي لكنهن يدمجن الكلمات أحياناً، وهذا فقط القراءة بينما فهم ما قرأن كان يساوي 1% !
قبل عدة أيام كنت جالسة في غرفتي وسمعت كلام بلهجة عراقية عن الموهوبين، فلحقت على نهاية التقرير الذي كان يعرض في برنامج "خطوة" على قناة أبوظبي، التقرير كان يتحدث عن إنشاء صف للموهوبين في مدرسة المتميزين في العراق، وكان مما يقوله التربوي العراقي المسؤول عن كشف ورعاية الموهوبين: "طبعاً حتى يتطور الموهوب ويفهم المعلومات التي تقدم له يجب أن تقدم له بلغته الأم، أما عن جانب اللغات فنحن نعلمهم الإنجليزية والفرنسية كـ "tool" .
فكروا معي بالكلمات، المعرفة والفهم تكون باللغة الأم، لا يعني ذلك ألا نتعلم اللغات الأخرى! منطقي!
إذا كان اهتمامنا فعلاً منصباً على المعلومة، لاهتممنا بإيصالها لابننا بدلاً من أن نهتم بأي لغة ستصل!
إن دراسة المعلومة بغير اللغة الأم يصعب على الطالب مهمة استيعاب المعلومة ناهيكم عن حفظها..
أكرر لا يعني هذا ألا نتعلم اللغات، فنحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم شجع على تعلم لغة العدو: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة يعني ابن زيد بن ثابت قال قال زيد بن ثابت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمت له كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي فتعلمته فلم يمر بي إلا نصف شهر حتى حذقته فكنت أكتب له إذا كتب وأقرأ له إذا كتب إليه.
بالنسبة لي درست في مدرسة عربية وكانت موادنا هي مواد دول الخليج، اللغة الإنجليزية بدأناها في الصف الرابع الإبتدائي، وكانت مناهج دول الخليج أيضاً، درست في جامعة عربية، وبعض أساتذتنا هنود أو باكستانيين أو فرنسيين أو مغاربة، مما يعني أن لغتهم الإنجليزية ليست مضبوطة تماماً، لكني ولله الحمد أتكلم الإنجليزية إن لم يكن بشكل ممتاز فهو جيد جداً، ليس مديحاً في إنجليزيتي، فأنا أتقنت العربية قبل أن أعرف الإنجليزية، والاستعارة والكناية والطباق والسجع والشعر والبلاغة والنحو، كلها علوم تعلمناها وأتقناها أولاً فهي لغتنا الأم، كما فهمنا العلوم والرياضيات والجغرافيا والتاريخ بالعربية، ورغم هذا كان هناك الوسع والوقت لتعلم اللغة الإنجليزية وأتقانها تقريباً كمتحدثيها، لكن كان لكل شيء وقته.
أما الأهالي اللاهثين وراء "التطور" و "الوجاهة" والذين أدخلوا أولادهم المدارس الأجنبية، فما هي محصلة أبنائهم؟؟؟ والله أشفق على الطفل الذي عليه ان يفهم الجهاز الدوري أوالعصبي أو العضلي وطريقة العمل والمكونات وغيرها بلغة غير لغته! ما المانع من أن يفهم المعلومة بلغته، ويتم إرفاق المصطلحات باللغتين العربية والإنجليزية؟ كما درسناها نحن؟
ما المانع من أن تكون مناهج اللغة الإنجليزية مناهج بريطانية مثلاً؟
بهذا نكون أمسكنا العصا من الطرفين!
إن ما جعلني أحترق حقاً هو أني نظمت مسابقة لهؤلاء البنات، لتغيير الجو، وللتشجيع وخلق أجواء المنافسة، وكانت الأسئلة عامة، فاكتشفت الاكتشاف الخطير..
كان السؤال: بيروت عاصمة أي دولة عربية؟
فكانت الأجوبة هي كل أسماء الدول العربية التي يعرفونها، (فهم لا يعرفون الكثير من الدول العربية)، ليس لديهم أدنى فكرة عن المعلومة!
ولم يكونوا يعرفون أن موريتانيا دولة عربية. ولا أين تقع!
أما بيروت فقد سمعوا أن المغنية الفلانية قدمت من بيروت وذهبت إلى بيروت لذلك عرفوا أن بيروت تقع في الغالب في دولة عربية، لكن لا مانع من أن تقع في دولة أجنبية! "شكراً للمغنية"!!!!
الاكتشاف الخطير: أنهم لا يدرسون المواد باللغة الإنجليزية فقط، بل هم يدرسون التاريخ والجغرافيا عن بريطانيا!!!!!!!!!!!!
ترااااااااااااااالالالالالالاام
هذا غسيل مخ رسمي .. رسمي رسمي ..
بصراحة بصراحة تخطيط أفلاطوني رهيب ..
أنا مندهشة .. هل وصل بنا العمى لهذه الدرجة المبكية؟؟؟
وحتى ترون أننا عميان في تقليدنا أرجو أن تشاهدوا هذا الفيديو، لتعرفوا حقيقة من نحن مبهورين بهم ونقلدهم في كل رائحة وغادية !
ملاحظة: العيب في المدارس الأجنبية ليس فقط في كونها في دول عربية، وليس فقط في مناهجها التي لا علاقة لها بالعرب من قريب ولا من بعيد، بل أيضاً بالقوانين، فمعروف أن هذه المدارس باهظة الثمن، لذا لا يمكن تطبيق القوانين على الأطفال في هذه المدارس حفاظاً على دافعي الاموال (الأهل)، فلا يوجد هناك عقاب ولا ضبط ولا محاسبة، وإن وجدت فهي واهية جداً، ولنا أن نخمن ماذا يحدث في مدرسة دون قوانين ولا ضوابط!!! عدا عن التساهل في الدراسة فإنها تنتشر فيها كل الأخلاق المشينة مع الأسف! سؤالي هو: كيف نضع طفلنا وسط هذه الضوضاء الأخلاقية والعلمية ثم نريده أن يكون قمة في الأخلاق والعلوم؟؟؟؟؟